خرج العصفور الصغير الجميل من البيضة الناصعة بعد أن كان تحت جناحى أمه الحنون لقد خرج منها وهو لايعرف شيئا عن العالم الخارجى الكبير والفسيح .
كانت أمه فرحه جدا لهذا الفرخ الجديد فبدأت تعلمه أشياء بسيطة عن كونه ويوما بعد يوم , تعلم العصفور أن من أهم الأعمال الحصول على الغذاء بنفسه .
وعندما علمت الأم أنه تمكن من هذا العمل , سمحت له بالخروج , خرج العصفور لوحده لأول مره وكان يحلق حرا طليقا وهو يردد : أننى العصفور الجميل , ذاهب الى الجبال , للبحث عن طعامى , يالفرحتى .
وفى حقل شاسع , رأى حبوبا صفراء لامعة , فاتجه نحوها يسابق الريح , وعندما وصل الى الأرض , شاهد رجلا يقف أمامه , ويمنعـــــه
من الدخول , كانت ثيابه ممزقة و ملونة وله شعر أصفر يشبه الصوف . فتراجع الى الخلف , وهو فى أشد الخوف , ثم حلق عاليا فى الفضاء الواسع , فقد كانت أول مرة يذوق فيها طعم الهزيمة . وفى الحقل المجاور , شاهد فلاحا يلقى الحبوب على الأرض الطيبة الحمراء المحروثة , فانتظر الى أن يذهب الفلاح , وفى الوقت المناسب , نزل الى الأسفل , ورأى الحبات التى مازالت تشتم رائحة التربة وتنعم ببرودتها , وما أن فتح فمه للأكل , حتى صاحت الحبة قائلة : (لاتأكلنى أيها العصفور الصغير , اننا لازلنا صغارا لانشبعك أبدا فاذهب الى الحقل المجاور ستجد فيه حبوبا ناضجة) .
فرد العصفور : (لن أفعل , هناك رجل قبيح يمنعنى من الدخول الى الحقل , وربما يمسكنى ).
ضحكت الحبة ساخرة وقالت له : ( لم أتوقع أنك بهذا الجبن , فان ذلك الرجل مجرد تمثال وضع أمام العصافير كى لاتدخل الى الحقل . فاذهب ولترى بنفسك أنه غير حقيقى , وان كنت تريد الأكل من هذا الحقل , فلتنتظر الى موسم الحصاد, فستجد الحبوب ناضجة تشع كالذهب).
فقال العصفور حزينا: (لكننى - ياصديقتى -
لا أستطيع أن أحيا طول هذه المدة من دون عمل وطعام , فأنا طموح جدا ولا أحيا من دون عمل).
وكانت الأم طوال هذا الوقت والحوار , تستمع وتراقب ابنها الصغير . وبعدما قال العصفور كلامه , ظهرت الأم وقالت لابنها : (أنا فخورة بك ياولدى , وحقا المرء لا يستطيع العيش من دون عمل , ولنذهب الآن الى العش ,فقد أحضرت الطعام المفضل لديك) .
ثم شكرت الأم الحبة لأنها علمت ابنها ما لم يكن يعلم . ثم ودعا الحبة وذهب الى العش فرحين.
بقلم /
سمر محمود أمين.