النفس تبكى على الدنيا وقد علمت أن السلامة فيها ترك ما فيها.
- لا دار للمرء يسكنها إلا التى كان قبل الموت بانيها.
- فإن بناها بخير طاب مسكنها وإن بناها بشر خاب بانيها.
- واعمل لدار غدا رضوان خازنها والجار أحمد والرحمن ناشيها.
** لها ولأهلها فى اشغالهم بنعيمها عند الآخرة ومايعقبهم من الحسرات :مثل أهلها فى غفلتها مثل قوم ركبوا سفينة فانتهت بهم إلى جزيرة ,فأمرهم الملاح بالخروج لقضاء الحاجة ، وحذرهم الإبطاء , وخوفهم مرور السفينة فتفرقوا فى نواحى الجزيرة , فقضى بعضهم حاجته وبادر إلى السفينة فصادف المكان خاليا ,فأخذ أوسع الأماكن وألينها وأوفقها لمراده ,ووقف بعضهم فى الجزيرة ينظر أزهارها وأنــــوارهــــا العجيبـة,
ويسمع نغمات طيورها, ويعجــبـــــه حســــن أحجارها .
ثم حدثته نفسه بفوات السفينة وسرعة
مرورها وخطر ذهابها فلم يصادف إلا مكانا ضيقا فجلس فيه , وركب بعضهم على تلك الحجارة المستحسنه والأزهار الفائقة فجعل منها حمله , فما جاء لم يقدر على نبذه بل لم يجد من حمله بدا ولم يجد له فى السفينة موضعا فحمله على عنقه ,وندم على أخذه فلم ينفعه الندامة ثم ذبلت الأزهار وتغيرت رائحتها وآذاه نتنها.
ولغ بعضهم فى تلك الغياض , ونسى السفينة وأبعد فى نزهته حتى أن الملاح نادى بالناس عند دفع السفينة فلم يبلغه صوته لاشتغال فى حسن الأشجار وهو على ذلك خائف من سبع يخرج عليه ,غير منفك من شوك يتشبت فى ثيابه ويدخل فى قدميه , أو غصن يجرح بدنه أو عوسبح يخرق ثيابه ويهتك عورته , أو صوت هائل يفزعه , ثم من هؤلاء من لحق بالسفينة ولم يبــــق فيها موضع فمات
على الساحل ومنهم من شغله لهوه فافترسته السباع ونهشته الحيات ,ومنهم من تاه فهام على وجهه حيته لك فهذا مثال أهل الدنيا فى اشتغالهم بحظوظهم العاجلة ونسيانهم موردهم وعاقبه أمرهم وما أقبح بالعاقل أن تغره أجار ونبات يصير هشميا قد شغل باله وعوقه عن نجاته ولم يصحبه !
بقلم
أ / محمد سعد.
معلم أول لغة عربية.